عمرو محفوظ : كورونا فرضت نمطا جديدا ساهم في تحفيز المعاملات والخدمات الرقمية
كتب أحمد عواد
قال المهندس عمرو محفوظ، الرئيس التنفيذى لهيئة تنمية صناعة تكنولوجيا المعلومات “إيتيدا”، خلال كلمته في افتتاح قمة مصر الاقتصادية التي تنعقد تحت رعاية رئيس مجلس الوزراء، أن انعقاد هذه القمة مع الظروف الاستثنائية التي يشهدها العالم في ظل انتشار جائحة كورونا والتي فرضت نمطا جديدا في الحياة ساهم في خلق البيئة المحفزة لتبني المعاملات والخدمات الرقمية، والاعتماد على نماذج جديدة للعمل والتعلم عن بعد، لتصبح تكنولوجيا المعلومات والاتصالات هي الركيزة الأساسية لضمان استمرارية الأنشطة الاقتصادية والاجتماعية في ظل الإجراءات الاحترازية وسياسات التباعد الآمن المتبعة في معظم دول العالم؛ مما انعكس بدوره على تسريع التحول العالمي نحو الاقتصاد الرقمي وهو الأمر الذى أكد بما لا يدع مجالاً للشك على صحة المسار الذي تسلكه الحكومة المصرية في تنفيذ خططها لنشر الخدمات الرقمية، ودمج الحلول الرقمية والترويج لها واتاحتها لمختلف فئات المجتمع عبر منظومة فعالة للشمول المالي.
الحقيقة أن الجائحة التي نعيشها الأن جاءت كاختبار حقيقي لقدرة البنية التحتية التكنولوجية في مصر ونجحنا بالفعل في ذلك الاختبار بشهادة العديد من التقارير العالمية والتي أشادت بقدرة البنية التحتية التكنولوجية، وسرعة الاستجابة والمرونة التي يتمتع بها القطاع، وكذلك الاستعداد الرقمي وجاهزية مقدمي خدمات تعهيد تكنولوجيا المعلومات العابرة للحدود في مصر سواء المحلية منها أو العالمية والتي تتخذ من مصر مركزاً لتقديم خدماتها.، بل وتفوقنا على نظرائنا من الدول الرائدة التي تقدم هذه النوعية الخدمات، وهو ما سنسعى لاستغلاله في جذب المزيد من الاستثمارات في قطاع التعهيد والتي تشهد طلباً متزايداً هذا العام.
ومن هنا؛ تأتي أهمية لقاءنا اليوم الذي يعد فرصة للحديث عن توجه الحكومة الحالي نحو الرقمنة والدور الذي تقوم به وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات في هذا الصدد، واسمحوا لي أن استعرض لكم ملامح استراتيجية بناء مصر الرقمية والتي تعد رؤية وخطة شاملة وحجر الأساس لتحقيق التحول إلى مجتمع رقمي وفقا لثلاثة محاور أساسية، وهي التحول الرقمي، وبناء المهارات الرقمية، وتشجيع الإبداع الرقمي وارتكازا على ثلاثة ركائز وهي الاقتصاد الرقمي الدامج، والبنية التحتية المؤمنة، والسياج التشريعي والحوكمة.
وفيما يخص محور التحول الرقمي، فإن مصر تشهد طفرة كبرى في مجال التحول الرقمي حيث يتم تنفيذ العديد من المشروعات القومية التي أثمرت عن تنفيذ مشروع تجريبي للتحول الرقمي في محافظة بورسعيد في العام الماضي بالتعاون مع كافة قطاعات الدولة تم خلاله إطلاق 150 خدمة حكومية رقمية بالمحافظة.
كما تم التشغيل التجريبي لمنصة مصر الرقمية على مستوى الجمهورية في يوليو الماضي من خلال إتاحة 34 خدمة حكومية رقمية، ويتم العمل على إطلاق باقي الخدمات تباعا حتى تصل الى 72 خدمة حكومية رقمية بنهاية العام الحالي وصولا إلى 550 خدمة في 2023.
وتتيح المنصة للمواطنين طرق مختلفة لسداد رسوم الخدمات عبر وسائل الدفع الالكتروني والتي تشمل بطاقات الائتمان وشركات التحصيل الإلكتروني ومحافظ المحمول؛ كما سيستطيع المواطنين لاحقا الحصول على هذه الخدمات من خلال تطبيق على الهاتف المحمول سيتم إطلاقه قريبا أو من خلال مراكز الاتصال أو مكاتب البريد أو مراكز خدمة المواطنين.
وانطلاقا من نهج وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات في تحقيق التكامل بين القطاع الحكومي والقطاع الخاص؛ فإن الوزارة تحرص على التعاون مع شركات محلية وعالمية في تبني التكنولوجيات الرقمية لتنفيذ مشروعات التحول الرقمي، كما حرصت الوزارة على أن يكون للشركات الناشئة نصيب محدد في مشروعات بناء مصر الرقمية حيث قامت هيئة تنمية صناعة تكنولوجيا المعلومات “ايتيدا” بإطلاق مبادرة “فرصتنا.. رقمية” والتي ترتكز على قرار إلزامي أصدره السيد وزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات لإتاحة نسبة 10% من كل مشروعات التحول الرقمي لتنفيذها من خلال الشركات المتوسطة والصغيرة والناشئة المقيدة في قاعدة بيانات الهيئة؛ حيث تم طرح أول حزمة تشمل 33 مشروع على منصة رقمية لضمان الشفافية وإتاحة الفرص للشركات للتقديم على هذه المشروعات.
وفيما يخص محور بناء الانسان المصري وتنمية المهارات الرقمية للشباب وتطوير قدراته في المجالات التكنولوجية؛ جاءت رؤية واستراتيجية وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات للاستثمار في العقول البشرية باعتباره العنصر الأساسي لبناء مصر الرقمية؛ ومن هنا، أطلقت الوزارة مبادرات متنوعة لسد الفجوة في المهارات بهدف تدريب أكثر من 115 ألف متدرب بكلفة اجمالية 400 مليون جنيه، خلال العام المالي الحالي.
ويمكن الكثير من حضراتكم أطلع على التقارير التي تؤكد أن التكنولوجيات الناشئة مثل الذكاء الاصطناعي ستكون هي المحفز الرئيسي للنمو الاقتصادي وستعمل على تنوع اقتصادات البلدان في جميع أنحاء العالم.
ولهذا يتم تنفيذ استراتيجية التدريب وفقا لنهج هرمي يرتكز على إتاحة تدريب أولى سريع لقاعدة عريضة من الشباب لمساعدتهم على الالتحاق بسوق العمل بشكل أسرع وأقل كُلفة، ويتدرج في القيمة والتخصص والتعمق حتى نصل إلى أعداد قليلة، ولكن تتلقى تعليمًا مكثفًا ومتعمقًا في مختلف تخصصات الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات الحديثة.
كما تسعى الوزارة إلى عقد اتفاقيات للشراكة والتعاون مع الشركات العالمية لتشجيعها على الاستثمار أو التوسع في مصر من خلال دعم تقديم حوافز استثمارية تتمثل في المساعدة في خدماتها اللوجستية وتدريب الكوادر المصرية الشابة التي تلتحق بالعمل بهذه الشركات.
وبالنظر إلى محور رعاية الابداع التكنولوجي، تشهد مصر نموًا سريعًا في مجالات الابتكار الرقمي وريادة الأعمال؛ وذلك إلى جانب توافر العديد من قصص النجاح لشركات عالمية في مصر تنمو بشكل مطرد بالاعتماد على الكوادر المصرية لخدمة عملائها في مختلف دول العالم.
وتقوم الوزارة حاليا بإنشاء مراكز ابداع مصر الرقمية في مختلف المحافظات لتكون ملتقى لتبادل الخبرات بين الشباب ولتدريبهم على مختلف تخصصات علوم الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات مع تنفيذ برامج تدريب لرعاية الابداع التكنولوجي.
كل هذا انطلاقاً من إيماننا الكامل بإمكانات الشباب المصري الإبداعية وقدرته على إنتاج حلول تكنولوجية مبتكرة تستطيع المنافسة في السوق المحلي والدولي؛ حيث نجح الشباب المصري من رواد الأعمال ورغم ظروف جائحة كورونا في جذب أكبر عدد من الصفقات الاستثمارية في قطاع الشركات الناشئة في منطقة الشرق الأوسط وشمال افريقيا وذلك خلال النصف الأول من العام الحالي.
كما ترتكز استراتيجية بناء مصر الرقمية على تطوير البنية التحتية للاتصالات وذلك من خلال تنفيذ مشروع لربط كافة المباني الحكومية في كافة انحاء الجمهورية البالغ عددها 33 ألف مبنى حكومي بشبكة الألياف الضوئية بتكلفة 6 مليار جنيه خلال 30 شهرا؛ بالإضافة الى تنفيذ المرحلة الثانية من مشروع رفع كفاءة الانترنت باستثمارات تزيد عن 300 مليون دولار؛ حيث تم تنفيذ المرحلة الأولى من المشروع في 2019 باستثمارات بلغت 1.6 مليار دولار؛ وهو الأمر الذي ساهم في استيعاب احتياجات الاستخدام الكثيف للإنترنت خلال الفترة الحالية نتيجة تداعيات الجائحة.
كما تولي وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات اهتماما كبيرا بإعداد البيئة التشريعية الداعمة للاستثمار وتحفيز الشركات على الاستثمار والتي كان من أبرز ما أنجزته هو إصدار قانون مكافحة جرائم تقنية المعلومات، وكذلك اصدار قانون حماية البيانات الشخصية، والعمل على اصدار قانون التجارة الالكترونية.
السادة الضيوف
إن قدرة قطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات على الحفاظ على صدارته لقطاعات الدولة في معدلات النمو إنما تعكس التنامي المتزايد للاعتماد على تكنولوجيا المعلومات والاتصالات في الدولة المصرية.
وأود هنا أن أشير الى أهم مؤشرات قطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات الذي استطاع أن يحقق معدل نمو نحو 15.2% خلال العام المالي المنصرم، فيما بلغ الناتج المحلي الاجمالي للقطاع نحو 108 مليار جنيه مقابل 93 مليار في العام المالي الذي يسبقه، بينما بلغت نسبة مساهمة القطاع في الناتج المحلي الاجمالي نحو 4.4٪، مقارنة بنحو 4٪ في العام المالي الذي يسبقه، مع مستهدف الوصول إلى أكثر من 8% خلال 3 سنوات.
إن هذه المؤشرات تؤكد بما لا يدع للشك أننا ماضون نحو تنفيذ رؤية الدولة لبناء اقتصاد رقمي قوى وتحقيق الاستفادة المثلى من التقنيات الرقمية التي استطاعت أن تُحدِث تحولات جوهرية في الاقتصادات العالمية؛ ليصبح التحول إلى الاقتصاد الرقمي هدفًا استراتيجيا تسعي إليه الدول لتحقيق الرخاء لشعوبها.
ختاما؛ أود أن أعرب عن خالص تقديري لدعوتي للحديث إليكم اليوم؛ مع تمنياتي لكم بمؤتمر موفق وأعمال ناجحة.